الأول من يناير عام (2018) يعتبر بداية تاريخ تطبيق ضريبة القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية بناءً على المرسوم الملكي رقم (3/113) وتاريخ 2/11/1438هـ، ومنذ صدور المرسوم الملكي حتى بداية التطبيق ستكون مرحلة التعريف بالمعلومات والإرشادات الصحيحة واللوائح والقرارات الخاصة بنظام هذه الضريبة بالإضافة إلى التعاون مع جميع الجهات المعنية لتطبيقها بما يحقق الهدف الذي فرضت من أجله.
ويعتبر الأول من يناير (2018) بداية تاريخ التحول في السياسات الإيرادية لدخل الدولة ضمن سياسة التنوع في الدخل حسب رؤية (2030) وعدم الاعتماد على البترول كدخل أساسي للدولة. وفي الحقيقة لقد استفاد القطاع الأهلي والمواطنون والسكان سنوات طويلة منذ بداية التأسيس من مميزات عديدة، أهمها عدم وجود ضرائب على مختلف السلع والخدمات المقدمة لهم، واستفاد القطاع الخاص استفادة كبيرة من إعفاءات كبيرة من ضرائب كان من الممكن دفعها في مشترياته وإيراداته وخدماته.
والضريبة في مختلف أنحاء العالم مطبقة بنسب متفاوتة، وتعيش بعض دول العالم المتقدم والنامي من دخل الضريبة، ويدفع المواطنون السعوديون الضريبة بأنواعها عند قضائهم إجازاتهم أو رحلات عملهم خارج الوطن في جميع تعاملاتهم فنادق وخدمات وغيرها. ورغم أن الضريبة إجراء نظامي تلجأ له الدول ولا اعتراض في تطبيقها وهو حق للدول، إلا أنه أيضا كما لها الحق في فرضها عليها الواجب بالالتزام بمطالب دافعيها، فكما أنها واجب دفعها من المواطنين والشركات والمؤسسات فعلى محصل الضريبة واجبات أخرى، منها الإفصاح عن حجم الضريبة المحصلة سنوياً والإعلان عن خارطة توزيع إنفاقها في مشاريع وخدمات تخدم القطاعات المستقطعة منها الضريبة.
فمثلاً أثر ضريبة النقل على تحسين طرق النقل وأثر ضريبة العقار على تطوير الأحياء والخدمات التابعة لها، وغيرها من الأمثلة، أي أن دافع الضريبة من ماله الخاص أو من مؤسسته ينتظر المردود من دفعه للضريبة، وهذا ما يدفعني إلى الاقتراح على الهيئة العامة للزكاة والدخل بإنشاء إدارة أو مركز خاص لاستقبال الآراء والمقترحات والطلبات والتظلمات والنقد البناء تجاه تطور القطاعات المفروضة عليها الضريبة، وكما هو حق للدولة فرض الضريبة فهو حق لدافعها إبداء الرأي في الخدمات المقدمة له.
ورغم قرب موعد تطبيق الضريبة المضافة ومقدارها 5% والتي طرح مشروع نظامها للعموم لأخذ مرئياتهم من خلال الموقع الإلكتروني للهيئة بتاريخ 31 مايو 2017، وصدر نظامها بالمرسوم الملكي رقم (3/113) في 2/11/1438هـ، كما تم استطلاع مرئيات العموم بخصوص مسودة اللائحة التنفيذية لنظام ضريبة القيمة المضافة بتاريخ 20 يوليو 2017، متضمنة جميع المعلومات والمبادئ التوجيهية لتطبيق الضريبة، وسيتم التركيز خلال الربع الثالث من عام 2017 على تسجيل المنشآت في ضريبة القيمة المضافة ودعم استعداداتها. ورغم إعلان الهيئة العامة للزكاة والدخل بأنها ملتزمة بدعم جاهزية الهيئة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة عن طريق الدعم المباشر من خلال فرق متخصصة وفتح قنوات التواصل وعقد ورش العمل وغيرها بغرض تثقيف الجميع، ورغم كل هذه الجهود إلا أنني أتوقع أن 90% من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا علم لهم بتفاصيل النظام واللائحة التنظيمية للضريبة المضافة، وسيواجهون بصدمة عند التطبيق في أول يناير (2018)، وعندها سيكونون عرضة للجزاء وسيخرج الآلاف من المؤسسات الصغيرة من السوق لأنها غير مؤهلة لمواجهة شروط تطبيق الضريبة، وستتكشف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتسترة والتي رؤوس أموالها مائة ألف وتعمل بمناقصات بعشرات الملايين، وسيكشف النظام السجلات المالية لكل مؤسسة وأي غش أو تدليس سيطبق عليها النظام وأي تهرب ضريبي سوف يطاله العقاب.
ولهذا فإنني أقترح على الغرف التجارية رصد ميزانية خاصة لنشر ثقافة الضريبة المضافة والتعاون مع المكاتب المحاسبية وجمعية المحاسبين لدعمهم بنشر ثقافة الضريبة وتوجيه الجامعات بإدخال تخصص الضريبة في كلية إدارة الأعمال، وتعميد جميع الشركات بتعيين مستشار ضريبي يكون حلقة التواصل مع الهيئة وتكليف المكاتب المحاسبية بتعيين محاسبي ضرائب متخصصين لتقديم الدعم للمؤسسات والشركات من عملائهم. وليتوقع الجميع أن كافة السلع والخدمات التي سيطبق عليها الضريبة سيرتفع سعرها بمقدار 5% ابتداء من 1 يناير 2018، وستدفع الزيادة (قيمة الضريبة) للدولة عن طريق محصلها.